شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة

صفحة 45 - الجزء 4

  فقال له مخنف بن سليم الأزدي: إن البعيد البغيض من عصى الله وخالف أمير المؤمنين وهم قومك، وإن الحبيب القريب من أطاع الله ونصر أمير المؤمنين وهم قومي، وأحدهم خير لأمير المؤمنين من عشرة من قومك.

  فقال أمير المؤمنين #: مه، تناهوا أيها الناس، وليردعكم الإسلام ووقاره عن التباغي والتهاذي، ولتجتمع كلمتكم والزموا دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره، وكلمة الإخلاص التي هي قوام الدين وحجة الله على الكافرين، واذكروا إذ كنتم قليلا مشركين متباغضين متفرقين، فألف بينكم بالإسلام فكثرتم واجتمعتم وتحاببتم، فلا تفرقوا بعد إذ اجتمعتم ولا تتباغضوا بعد إذ تحاببتم، وإذا رأيتم الناس بينهم النائرة، وقد تداعوا إلى العشائر، والقبائل فاقصدوا لهامهم ووجوههم بالسيف حتى يفزعوا إلى الله، وإلى كتابه، وسنة نبيه، فأما تلك الحمية من خطرات الشياطين، فانتهوا عنها لا أبا لكم تفلحوا وتنجحوا، ثم إنه # دعا أعين بن ضبيعة المجاشعي، وقال: يا أعين، ألم يبلغك أن قومك وثبوا على عاملي مع ابن الحضرمي بالبصرة يدعون إلى فراقي وشقاقي، ويساعدون الضلال القاسطين علي، فقال: لا تسأ يا أمير المؤمنين، ولا يكن ما تكره ابعثني إليهم، فأنا لك زعيم بطاعتهم وتفريق جماعتهم، ونفي ابن الحضرمي من البصرة أو قتله قال فاخرج الساعة.

  فخرج من عنده ومضى حتى قدم البصرة.