الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب
  أركان المشركين وذا الرئاسة وأخا السياسة، فاستدم الله بشكره يتمم عليكم نعمه والسلام.
  وكتب إليه أهل البصرة يهنئونه، ولم يكتب إليه الأحنف ولكن قال: اقرءوا، وقولوا: إنا لك على ما فارقتك عليه، فلم يزل يقرأ الكتب وينظر في تضاعيفها، ويلتمس كتاب الأحنف فلا يراه، فلما لم يره قال لأصحابه: أما كتب أبو بحر، فقال له الرسول: إنه حملني إليك رسالة فأبلغه، فقال: هذا أحب إلي من هذه الكتب.
  واجتمعت الخوارج بأرجان، فبايعوا الزبير بن علي، وهو من بني سليط بن يربوع من رهط ابن الماحوز، فرأى فيهم انكسارا شديدا وضعفا بينا، فقال لهم: اجتمعوا، فاجتمعوا، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد رسوله ÷، ثم أقبل عليهم، فقال: إن البلاء للمؤمنين تمحيص وأجر، وهو على الكافرين عقوبة وخزي، وإن يصب منكم أمير المؤمنين ف، ما صار إليه خير مما خلف، وقد أصبتم منهم مسلم بن عبيس، وربيعا الأجذم، والحجاج بن رباب، وحارثة بن بدر، وأشجيتم المهلب، وقتلتم أخاه المعارك، والله يقول لإخوانكم المؤمنين: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران: ١٤٠]، فيوم سلى كان لكم بلاء وتمحيصا، ويوم سولاف كان لهم عقوبة ونكالا، فلا تغلبن علي الشكر في حينه والصبر في وقته، وثقوا بأنكم المستخلفون في الأرض والعاقبة للمتقين.
  ثم تحمل للمحاربة نحو المهلب، فنفحهم المهلب نفحة فرجعوا وأكمنوا للمهلب في غمض من غموض الأرض يقرب من عسكره مائة فارس ليغتالوه، فسار المهلب