شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب

صفحة 161 - الجزء 4

  يطمعون في مثلها من المهلب، فقال: أما إنكم لو ناصحتموني مناصحتكم المهلب لرجوت أن أنفي هذا العدو، ولكنكم تقولون قرشي حجازي بعيد الدار خيره لغيرنا، فتقاتلون معي تعذيرا، ثم زحف إلى الخوارج من غد ذلك اليوم، فقاتلهم قتالا شديدا، حتى ألجأهم إلى قنطرة، فتكاثف الناس عليها حتى سقطت، فأقام حتى أصلحها، ثم عبر وتقدم ابنه عبيد الله بن عمر وأمه من بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، فقاتلهم حتى قتل، فقال قطري للخوارج: لا تقاتلوا عمر اليوم، فإنه موتور قد قتلتم ابنه، ولم يعلم عمر بقتل ابنه حتى أفضى إلى القوم، وكان مع ابنه النعمان بن عباد، فصاح به عمر: يا نعمان، أين ابني؟ قال: أحتسبه فقد استشهد صابرا مقبلا غير مدبر؟ فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم حمل على الخوارج حملة لم ير مثلها، وحمل أصحابه بحملته فقتلوا في وجههم ذلك تسعين رجلا من الخوارج، وحمل على قطري فضربه على جبينه ففلقه، وانهزمت الخوارج وانتهبها، فلما استقروا ورأى ما نزل بهم قال: ألم أشر عليكم بالانصراف؟ فجعلوه حينئذ من وجوههم حتى خرجوا من فارس، وتلقاهم في ذلك الوقت الفزر بن مهزم العبدي، فسألوه عن خبره وأرادوا قتله فأقبل على قطري، وقال: إني مؤمن مهاجر، فسأله عن أقاويلهم فأجاب إليها فخلوا عنه ففي ذلك يقول في كلمة له:

  فشدوا وثاقي ثم ألجوا خصومتي ... إلى قطري ذي الجبين المفلق

  وحاججتهم في دينهم فحججتهم ... وما دينهم غير الهوى والتخلق

  ثم رجعوا وتكانفوا وعادوا إلى ناحية أرجان، فسار إليهم عمر بن عبيد الله وكتب إلى مصعب: