شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب

صفحة 166 - الجزء 4

  قال: ثم انحط الزبير على أصفهان، فحصر بها عتاب بن ورقاء سبعة أشهر وعتاب يحاربه في بعضهن، فلما طال به الحصار قال لأصحابه: ما تنتظرون، والله ما تؤتون من قلة، وإنكم لفرسان عشائركم، ولقد حاربتموهم مرارا فانتصفتم منهم وما بقي مع هذا الحصار إلا أن تفنى ذخائركم، فيموت أحدكم فيدفنه أخوه ثم يموت أخوه، فلا يجد من يدفنه فقاتلوا القوم، وبكم قوة من قبل أن يضعف أحدكم عن أن يمشي إلى قرنه.

  فلما أصبح صلى بهم الصبح، ثم خرج إلى الخوارج وهم غارون، وقد نصب لواء لجارية له يقال لها: ياسمين، فقال: من أراد البقاء فليلحق بلواء ياسمين، ومن أراد الجهاد فليخرج معي فخرج في ألفين وسبعمائة فارس، فلم يشعر بهم الخوارج حتى غشوهم فقاتلوهم بجد لم تر الخوارج منهم مثله، فعقروا منهم خلقا كثيرا، وقتل الزبير بن علي، وانهزمت الخوارج، فلم يتبعهم عتاب ففي ذلك يقول القائل:

  ويوم بجي تلافيته ... ولو لاك لاصطلم العسكر

  وقال آخر:

  خرجت من المدينة مستميتا ... ولم أك في كتيبة ياسمينا