شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قطري بن الفجاءة المازني

صفحة 195 - الجزء 4

  قال: ووجه الحجاج إلى المهلب رجلين يستحثانه لمناجزة القوم أحدهما يقال له: زياد بن عبد الرحمن من بني عامر بن صعصعة، والآخر من آل أبي عقيل من رهط الحجاج، فضم المهلب زيادا إلى ابنه حبيب، وضم الثقفي إلى ابنه يزيد، وقال لهما: خذا يزيد وحبيبا بالمناجزة، وغادوا الخوارج، فاقتتلوا أشد قتال، فقتل زياد بن عبد الرحمن العامري وفقد الثقفي، ثم باكروهم في اليوم الثاني، وقد وجد الثقفي، فدعا به المهلب ودعا بالغداء، فجعل النبل يقع قريبا منهم، ويتجاوزهم والثقفي يعجب من أمر المهلب، فقال الصلتان العبدي:

  ألا يا أصبحاني قبل عوق العوائق ... وقبل اختراط القوم مثل العقائق

  غداة حبيب في الحديد يقودنا ... يخوض المنايا في ظلال الخوافق

  حرون إذا ما الحرب طار شرارها ... وهاج عجاج النقع فوق المفارق

  فمن مبلغ الحجاج أن أمينه ... زيادا أطاحته رماح الأزارق

  فلم يزل عتاب بن ورقاء مع المهلب ثمانية أشهر حتى ظهر شبيب بن يزيد، فكتب الحجاج إلى عتاب يأمره بالمصير إليه ليوجهه إلى شبيب، وكتب إلى المهلب يأمره أن يرزق الجند، فرزق أهل البصرة، وأبى أن يرزق أهل الكوفة، فقال له عتاب: ما أنا ببارح حتى ترزق أهل الكوفة، فأبى فجرت بينهما غلظة، فقال له: عتاب قد كان يبلغني أنك شجاع فرأيتك جبانا، وكان يبلغني أنك جواد، فرأيتك بخيلا، فقال له المهلب: يا ابن اللخناء، فقال له عتاب: لكنك معم مخول.