شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

شبيب بن يزيد الشيباني

صفحة 228 - الجزء 4

  وكيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا به وما تقول في دمائهم وأموالهم، فقال: إن قتلنا، وغنمنا فلنا، وإن تجاوزنا، وعفونا فموسع علينا.

  ثم قال صالح لأصحابه ليلته تلك: اتقوا الله عباد الله، ولا تعجلوا إلى قتال أحد من الناس إلا أن يكونوا قوما يريدونكم وينصبون لكم، فإنكم إنما خرجتم غضبا لله حيث انتهكت محارمه، وعصي في الأرض، وسفكت الدماء بغير حقها، وأخذت الأموال غصبا، فلا تعيبوا على قوم أعمالا، ثم تعملونها، فإن كل ما أنتم عاملون أنتم عنه مسئولون وإن عظمكم رجالة، وهذه دواب لمحمد بن مروان في هذا الرستاق، وابدءوا بها فاحملوا عليها راجلكم، وتقووا بها على عدوكم.

  ففعلوا ذلك وتحصن منهم أهل دارا.

  وبلغ خبرهم محمد بن مروان، وهو يومئذ أمير الجزيرة، فاستخف بأمرهم وبعث إليهم عدي بن عميرة في خمسمائة، وكان صالح في مائة وعشرة، فقال عدي: أصلح الله