شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج

صفحة 243 - الجزء 4

  مرتثا، وأقبل الناس منهزمين حتى دخلوا الكوفة، وأتي بالجزل جريحا حتى دخل المدائن، فكتب إلى الحجاج: أما بعد، فإني أخبر الأمير أصلحه الله أني خرجت فيمن قبلي من الجند الذي وجهني فيه إلى عدوه، وقد كنت حفظت عهد الأمير إلي فيهم، ورأيه فكنت أخرج إلى المارقين إذا رأيت الفرصة، وأحبس الناس عنهم إذا خشيت الورطة، فلم أزل كذلك أدير الأمر وأرفق في التدبير، وقد أرادني العدو بكل مكيدة فلم يصب مني غرة، حتى قدم علي سعيد بن مجالد، فأمرته بالتؤدة، ونهيته عن العجلة، وأمرته ألا يقاتلهم إلا في جماعة الناس عامة، فعصاني وتعجل إليهم في الخيل، فأشهدت الله عليه وأهل المصرين إني بريء من رأيه الذي رأى، وإني لا أهوى الذي صنع، فمضى فقتل تجاوز الله عنه، ودفع الناس إلي فنزلت، ودعوتهم إلى نفسي ورفعت رايتي، وقاتلت حتى صرعت، فحملني أصحابي من بين القتلى، فما أفقت إلا وأنا على أيديهم على رأس ميل من المعركة، وأنا اليوم بالمدائن، وفي جراحات قد يموت الإنسان من دونها، وقد يعافى من مثلها فليسأل الأمير أصلحه الله عن نصيحتي له ولجنده، وعن مكايدتي عدوه، وعن موقفي يوم البأس، فإنه سيبين له عند ذلك أني صدقته ونصحت له والسلام.

  فكتب إليه الحجاج: