شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الخبر عن ظهور الغلاة

صفحة 6 - الجزء 5

  وروى أصحابنا في كتب المقالات أنه لما حرقهم صاحوا إليه الآن ظهر لنا ظهورا بينا أنك أنت الإله لأن ابن عمك الذي أرسلته قال: لا يعذب بالنار إلا رب النار.

  وروى أبو العباس عن محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي عن علي بن محمد النوفلي عن أبيه ومشيخته أن عليا مر بهم وهم يأكلون في شهر رمضان نهارا فقال أسفر أم مرضى قالوا ولا واحدة منهما قال أفمن أهل الكتاب أنتم قالوا لا قال فما بال الأكل في شهر رمضان نهارا قالوا أنت أنت لم يزيدوه على ذلك ففهم مرادهم فنزل عن فرسه فألصق خده بالتراب ثم قال ويلكم إنما أنا عبد من عبيد الله فاتقوا الله وارجعوا إلى الإسلام فأبوا فدعاهم مرارا فأقاموا على أمرهم فنهض عنهم ثم قال شدوهم وثاقا وعلي بالفعلة والنار والحطب ثم أمر بحفر بئرين فحفرتا فجعل إحداهما سربا والأخرى مكشوفة وألقى الحطب في المكشوفة وفتح بينهما فتحا وألقى النار في الحطب فدخن عليهم وجعل يهتف بهم ويناشدهم ارجعوا إلى الإسلام فأبوا فأمر بالحطب والنار وألقى عليهم فاحترقوا فقال الشاعر:

  لترم بي المنية حيث شاءت ... إذا لم ترم بي في الحفرتين

  إذا ما حشتا حطبا بنار ... فذاك الموت نقدا غير دين

  قال فلم يبرح واقفا عليهم حتى صاروا حمما.

  قال أبو العباس ثم إن جماعة من أصحاب علي منهم عبد الله بن عباس شفعوا في عبد الله بن سبإ خاصة وقالوا يا أمير المؤمنين إنه قد تاب فاعف عنه فأطلقه بعد أن اشترط عليه ألا يقيم بالكوفة فقال أين أذهب قال المدائن فنفاه إلى المدائن