شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

المقدمة

صفحة 15 - الجزء 1

  والأولون يقولون: إنه قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهؤلاء يقولون ابن ست وستين والروايات في ذلك مختلفة ومن الناس من يزعم أن سنه كانت دون العشر والأكثر الأظهر خلاف ذلك.

  وذكر أحمد بن يحيى البلاذري وعلي بن الحسين الأصفهاني أن قريشا أصابتها أزمة وقحط، فقال رسول الله ÷ لعمية حمزة والعباس: (ألا نحمل ثقل أبي طالب في هذا المحل) فجاءوا إليه وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم فقال: دعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم، وكان شديد الحب لعقيل، فأخذ العباس طالبا وأخذ حمزة جعفرا، وأخذ محمد ÷ عليا، وقال لهم: (قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليا) قالوا فكان علي # في حجر رسول الله ÷ منذ كان عمره ست سنين.

  وكان ما يسدي إليه ÷ من إحسانه وشفقته وبره وحسن تربيته كالمكافأة والمعاوضة لصنيع أبي طالب به حيث مات عبد المطلب وجعله في حجره، وهذا يطابق قوله #: (لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة سبع سنين)، وقوله: (كنت أسمع الصوت وأبصر الضوء سنين سبعا) ورسول الله ÷ حينئذ صامت ما أذن له في الإنذار والتبليغ وذلك؛ لأنه إذا كان عمره يوم إظهار الدعوة ثلاث عشرة سنة وتسليمه إلى رسول الله ÷ من أبيه، وهو ابن ست فقد صح أنه كان يعبد الله قبل الناس بأجمعهم سبع سنين وابن ست تصح منه العبادة إذا كان ذا تمييز على أن عبادة مثله هي التعظيم والإجلال وخشوع القلب واستخذاء الجوارح إذا شاهد شيئا من جلال الله سبحانه وآياته الباهرة، ومثل هذا موجود في الصبيان.

  وقتل # ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقين من شهر رمضان سنة أربعين في