شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ولاية قيس بن سعد على مصر ثم عزله

صفحة 61 - الجزء 6

  الناس كان في أمره عشيرتي وأما ما سألتني من مبايعتك على الطلب بدمه وما عرضته علي فقد فهمته وهذا أمر لي نظر فيه وفكر وليس هذا مما يعجل إلى مثله وأنا كاف عنك وليس يأتيك من قبلي شيء تكرهه حتى ترى ونرى إن شاء الله تعالى والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

  قال إبراهيم فلما قرأ معاوية كتابه لم يره إلا مقاربا مباعدا ولم يأمن أن يكون له في ذلك مخادعا مكايدا فكتب إليه أما بعد فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلما ولم أرك تتباعد فأعدك حربا أراك كحبل الجرور وليس مثلي يصانع بالخداع ولا يخدع بالمكايد ومعه عدد الرجال وأعنة الخيل فإن قبلت الذي عرضت عليك فلك ما أعطيتك وإن أنت لم تفعل ملأت مصر عليك خيلا ورجلا والسلام.

  فلما قرأ قيس كتابه وعلم أنه لا يقبل منه المدافعة والمطاولة أظهر له ما في نفسه فكتب إليه من قيس بن سعد إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فالعجب من استسقاطك رأيي والطمع في أن تسومني لا أبا لغيرك الخروج من طاعة أولى الناس بالأمر وأقولهم بالحق وأهداهم سبيلا وأقربهم من رسول الله وسيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك وطاعة أبعد الناس من هذا الأمر وأقولهم بالزور وأضلهم سبيلا وأدناهم من رسول الله وسيلة ولديك قوم ضالون مضلون طواغيت من طواغيت إبليس وأما قولك إنك تملأ علي مصر خيلا ورجلا فلئن لم أشغلك عن ذلك حتى يكون منك إنك لذو جد والسلام.

  فلما أتى معاوية كتاب قيس أيس وثقل مكانه عليه وكان أن يكون مكانه غيره أحب إليه لما يعلم من قوته وتأبيه ونجدته واشتداد أمره على معاوية فأظهر للناس أن