شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول في أحكام النجوم

صفحة 207 - الجزء 6

  ومن الدقائق في العلم النجومي الدرجات المدارة والغربية والمظلمة والنيرة والزائدة في السعادة ودرجات الآثار من جهة أنها أجزاء الفلك إن قطعوها وما انقطعت ومع انتقال ما ينتقل من الكواكب إليها وعنها ثم أنتجوا من ذلك نتائج أنظارهم من أعداد الدرج وأقسام الفلك فقالوا إن الكوكب ينظر إلى الكواكب من ستين درجة نظر تسديس لأنه سدس من الفلك ولا ينظر إليه من خمسين ولا من سبعين وقد كان قبل الستين بعشر درج وهو أقرب من ستين وبعدها بعشر درج وهو أبعد من ستين لا ينظر.

  فليت شعري ما هذا النظر أترى الكواكب تظهر للكوكب ثم تحتجب عنه ثم شعاعه يختلط بشعاعه عند حد لا يختلط به قبله ولا بعده.

  وكذلك التربيع من الربع الذي هو تسعون درجة والتثليث من الثلث الذي هو مائة وعشرون درجة فلم لا يكون التخميس والتسبيع والتعشير على هذا القياس ثم يقولون الحمل حار يابس ناري والثور بارد يابس أرضي والجوزاء حار رطب هوائي والسرطان بارد رطب مائي ما قال الطبيعي هذا قط ولا يقول به.

  وإذا احتجوا وقاسوا كانت مبادئ قياساتهم الحمل برج ينقلب لأن الشمس إذا نزلت فيه ينقلب الزمان من الشتاء إلى الربيع والثور برج ثابت لأن الشمس إذا نزلت فيه ثبت الربيع على ربيعيته.

  والحق أنه لا ينقلب الحمل ولا يثبت الثور بل هما على حالهما في كل وقت ثم كيف يبقى دهره منقلبا مع خروج الشمس منه وحلولها فيه أتراها تخلف فيه أثرا أو تحيل منه طباعا وتبقى تلك الاستحالة إلى أن تعود فتجددها ولم لا يقول قائل إن السرطان حار يابس لأن الشمس إذا نزلت فيه يشتد حر الزمان وما يجانس هذا مما لا يلزم لا هو ولا ضده فليس في الفلك اختلاف يعرفه الطبيعي إلا بما فيه من الكواكب وهو في نفسه