شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

96 - ومن كلام له #

صفحة 71 - الجزء 7

  يَا أَهْلَ اَلْكُوفَةِ مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلاَثٍ وَاِثْنَتَيْنِ صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ وَبُكْمٌ ذَوُو كَلاَمٍ وَعُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ لاَ أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اَللِّقَاءِ وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ اَلْبَلاَءِ تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ يَا أَشْبَاهَ اَلْإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ وَاَللَّهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيمَا إِخَالُكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ اَلْوَغَى وَحَمِيَ اَلضِّرَابُ قَدِ اِنْفَرَجْتُمْ عَنِ اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ اِنْفِرَاجَ اَلْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا وَإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَمِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي وَإِنِّي لَعَلَى اَلطَّرِيقِ اَلْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً أمهله أخره وأخذه فاعل والمفعول محذوف تقديره فلن يفوته والمرصاد الطريق وهي من ألفاظ الكتاب العزيز.

  ومجاز طريقه مسلكه وموضع جوازه والشجا ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره وموضع الشجا هو الحلق نفسه ومساغ ريقه موضع الإساغة أسغت الشراب أوصلته إلى المعدة ويجوز سغت الشراب أسوغه وأسيغه وساغ الشراب نفسه يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق يتعدى ولا يتعدى وهذا الكلام من باب التوسع والمجاز لأن الله تعالى لا يجوز عليه الحصول في الجهات ولكنه كقوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}⁣[الحديد: ٤] وقوله {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ١٦}⁣[ق: ١٦].