شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

102 - ومن خطبة له #

صفحة 111 - الجزء 7

  واعلم أنه قد جاء في التواضع وهضم النفس شيء كثير ومن ذلكالحديث المرفوع من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر على الله وضعه ويقال إن الله تعالى قال لموسى إنما كلمتك لأن في أخلاقك خلقا أحبه الله وهو التواضع.

  ورأى محمد بن واسع ابنه يمشي الخيلاء فناداه فقال ويلك أتمشي هذه المشية وأبوك أبوك وأمك أمك أما أمك فأمة ابتعتها بمائتي درهم وأما أبوك فلا كثر الله في الناس مثله.

  ومثل قوله # كل مؤمن نومة إن شهد لم يعرف وإن غاب لم يفتقد قول رسول الله ÷ رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبر قسمه.

  وقال عمر لابنه عبد الله التمس الرفعة بالتواضع والشرف بالدين والعفو من الله بالعفو عن الناس وإياك والخيلاء فتضع من نفسك ولا تحقرن أحدا فإنك لا تدري لعل من تزدريه عيناك أقرب إلى الله وسيلة منك.

  وقال الأحنف عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين من فرجين كيف يتكبر وقد جاء في كلام رسول الله ÷ ما يناسب كلام أمير المؤمنين # هذا إن الله يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة.

  وأما إفشاء السر وأذاعته فقد ورد فيه أيضا ما يكثر ولو لم يرد فيه إلا قوله سبحانه {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١}⁣[القلم: ١٠ - ١١] لكفى.