شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

104 - ومن خطبة له #

صفحة 120 - الجزء 7

  على غير الوجه كما أن راكب هذه الناقة يركبها على غير الوجه ولهذا لم يقل فصار حرامها بمنزلة السدر المخضود بل قال عند أقوام فخصص.

  وهذا الكلام كله محمول عند أصحابنا على التألم من كون المتقدمين تركوا الأفضل كما قدمناه في أول الكتاب.

  ثم ذكر # أن الدنيا فانية وأنها ظل ممدود إلى أجل معدود ثم ذكر أن الأرض بهؤلاء السكان فيها صورة خالية من معنى كما قال الشاعر

  ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم ... الله يعلم أني لم أقل فندا

  إني لأفتح عيني ثم أغمضها ... على كثير ولكن لا أرى أحدا

  ثم أعاد الشكوى والتألم فقال أيديكم في الدنيا مبسوطة وأيدي مستحقي الرئاسة ومستوجبي الأمر مكفوفة وسيوفكم مسلطة علي أهل البيت الذين هم القادة والرؤساء وسيوفهم مقبوضة عنكم وكأنه كان يرمز إلى ما سيقع من قتل الحسين # وأهله وكأنه يشاهد ذلك عيانا ويخطب عليه ويتكلم على الخاطر الذي سنح له والأمر الذي كان أخبر به ثم قال إن لكل دم ثائرا يطلب القود والثائر بدمائنا ليس إلا الله وحده الذي لا يعجزه مطلوب ولا يفوته هارب.

  ومعنى قوله # كالحاكم في حق نفسه أنه تعالى لا يقصر في طلب دمائنا كالحاكم الذي يحكم لنفسه فيكون هو القاضي وهو الخصم فإنه إذا كان كذلك يكون مبالغا جدا في استيفاء حقوقه.

  ثم أقسم وخاطب بني أمية وصرح بذكرهم أنهم ليعرفن الدنيا عن قليل في أيدي غيرهم وفي دورهم وأن الملك سينتزعه منهم أعداؤهم ووقع الأمر بموجب إخباره #