شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في الاستطراد وإيراد شواهد للشعراء فيه

صفحة 245 - الجزء 7

  وما ذممت ابتدائي في مكاتبة ... ولا جوابكم في القرب والبعد

  لكنني رمت أن أثني على ملك ... مستطرد بمديح فيه مطرد

  ولقد ظرف وملح أبو إسحاق في هذه الأبيات ومتى خلا أو عرى عن الظرف والملاحة ولقد كان ظرفا ولباقة كله.

  وليس من الاستطراد ما زعم ابن الأثير الموصلي في كتابه المسمى بالمثل السائر أنه استطراد وهو قول بعض شعراء الموصل يمدح قرواش بن المقلد وقد أمره أن يعبث بهجاء وزيره سليمان بن فهد وحاجبه أبي جابر ومغنية المعروف بالبرقعيدي في ليلة من ليالي الشتاء وأراد بذلك الدعابة والولع بهم وهم في مجلس في شراب وأنس فقال وأحسن فيما قال

  وليل كوجه البرقعيدي ظلمة ... وبرد أغانيه وطول قرونه

  سريت ونومي فيه نوم مشرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه

  على أولق فيه التفات كأنه ... أبو جابر في خطبة وجنونه

  إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه ... سنا وجه قرواش وضوء جبينه

  وذلك لأن الشاعر قصد إلى هجاء كل واحد منهم ووضع الأبيات لذلك وأمره قرواش رئيسهم وأميرهم بذلك فهجاهم ومدحه ولم يستطرد وهذه الأبيات تشبيهات كلها مقصود بها الهجاء لم يأت بالعرض في الشعر كما يأتي الاستطراد.

  وهذا غلط من مصنف الكتاب