113 - ومن خطبة له #
  توقع فيه فليس أحدهما عوضا عن الآخر ولا قائما مقامه وأما المنافع الدنيوية كالمآكل والمشارب والأموال فإن الإنسان إذا فاته شيء منها قدر على ارتجاعه بعينه إن كانت عينه باقية وما لا تبقى عينه يقدر على اكتساب مثله والرزق وإن كان مضمونا من الله إلا أن للحركة فيه نصيبا إما أن يكون شرطا أو أن يكون هو بذاته من أثر قدرة الإنسان كحركته واعتماده وسائر أفعاله ويكون الأمر بالتوكل والنهي عن الاجتهاد في طلب الرزق على هذا القول إنما هو نهي عن الحرص والجشع والتهالك في الطلب فإن ذلك قبيح يدل على دناءة الهمة وسقوطها.
  ثم هذه الأغراض الدنيوية إذا حصلت أمثالها بعد ذهابها قامت مقام الذاهب لأن الأمر الذي يراد الذاهب له يمكن حصوله بهذا المكتسب وليس كذلك الزمان الذاهب من العمر لأن العبادات والأعمال التي كان أمس متعينا لها لا يمكن حصولها اليوم على حد حصولها أمس فافترق البابان باب الأعمال وباب الأرزاق.
  وقوله الرجاء مع الجائي واليأس مع الماضي كلام يجري مجرى المثل وهو تأكيد للمعنى الأول وجعل الجائي مرجوا لأنه لا يعلم غيبه قال الشاعر
  ما مضى فات والمقدر غيب ... ولك الساعة التي أنت فيها
  وقوله حق تقاته أي حق تقيته أي خوفه اتقى يتقي تقية وتقاة ووزنها فعلة وأصلها الياء ومثلها اتخم تخمة واتهم تهمة