شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

149 - ومن كلام له # قبل موته

صفحة 118 - الجزء 9

  أكثر من الدنيا وفي كلامه المنقول عنه ما يؤكد ما قلناه وهو قوله إن عشت فأنا ولي دمي وإن مت فضربة بضربة.

  وليس قوله # وأنا اليوم عبرة لكم وغدا مفارقكم وما يجري مجراه من ألفاظ الفصل بناقض لما قلناه وذلك لأنه لا يعني غدا بعينه بل ما يستقبل من الزمان كما يقول الإنسان الصحيح أنا غدا ميت فما لي أحرص على الدنيا ولأن الإنسان قد يقول في مرضه الشديد لأهله وولده ودعتكم وأنا مفارقكم وسوف يخلو منزلي مني وتتأسفون على فراقي وتعرفون موضعي بعدي كله على غلبة الظن وقد يقصد الصالحون به العظة والاعتبار وجذب السامعين إلى جانب التقوى وردعهم عن الهوى وحب الدنيا.

  فإن قلت فما تصنع بقوله # لابن ملجم:

  أريد حباءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد

  وقول الخلص من شيعته فهلا تقتله فقال فكيف أقتل قاتلي وتارة قال إنه لم يقتلني فكيف أقتل من لم يقتل وكيف قال في البط الصائح خلفه في المسجد ليلة ضربه ابن ملجم

  دعوهن فإنهن نوائح وكيف قال تلك الليلة

  إني رأيت رسول الله ÷ فشكوت إليه وقلت ما لقيت من أمتك من الأود واللدد فقال ادع الله عليهم فقلت اللهم أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني وكيف قال إني لا أقتل محاربا وإنما أقتل فتكا وغيلة يقتلني رجل خامل الذكر.

  وقد جاء عنه # من هذا الباب آثار كثيرة.

  قلت كل هذا لا يدل على أنه كان يعلم الأمر مفصلا من جميع الوجوه ألا ترى أنه