شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

149 - ومن كلام له # قبل موته

صفحة 120 - الجزء 9

  قوله والهرب منه موافاته هذا كلام خارج مخرج المبالغة في عدم النجاة وكون الفرار غير مغن ولا عاصم من الموت يقول الهرب بعينه من الموت موافاة للموت أي إتيان إليه كأنه لم يرتض بأن يقول الهارب لا بد أن ينتهي إلى الموت بل جعل نفس الهرب هو ملاقاة الموت.

  قوله أبحثها أي أكشفها وأكثر ما يستعمل بحث معدى بحرف الجر وقد عداه هاهنا إلى الأيام بنفسه وإلى مكنون الأمر بحرف الجر وقد جاء بحثت الدجاجة التراب أي نبشته.

  قوله فأبى الله إلا إخفاءه هيهات علم مخزون تقديره هيهات ذلك مبتدأ وخبره هيهات اسم للفعل معناها بعد أي علم هذا العيب علم مخزون مصون لم أطلع عليه.

  فإن قلت ما معنى قوله كم أطردت الأيام أبحثها وهل علم الإنسان بموته كيف يكون وفي أي وقت يكون وفي أي أرض يكون مما يمكن استدراكه بالنظر والفكر والبحث.

  قلت مراده # أني كنت في أيام رسول الله ÷ أسأله كثيرا عن هذا الغيب فما أنبأني منه إلا بأمور إجمالية غير مفصلة ولم يأذن الله تعالى في اطلاعي على تفاصيل ذلك.

  قوله فالله لا تشركوا به شيئا الرواية المشهورة فالله بالنصب وكذلك محمدا بتقدير فعل لأن الوصية تستدعي الفعل بعدها أي وحدوا الله وقد روي بالرفع وهو جائز على المبتدأ والخبر.

  قوله أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين وخلاكم ذم ما لم تشردوا كلام داخل في باب الاستعارة شبه الكتاب والسنة بعمودي الخيمة وبمصباحين