16 - ومن خطبة له # لما بويع بالمدينة
  رويدا وفي الحديث أسرعوا المشي في الجنازة ولا تهودوا كما تهود أهل الكتاب، وآزرت زيدا أعنته الترة والوتر والربقة الحبل يجعل في عنق الشاة، وردي هلك من الردى، كقولك: عمي من العمى وشجي من الشجا.
  وقوله: شغل من الجنة والنار أمامه يريد به أن من كانت هاتان الداران أمامه، لفي شغل عن أمور الدنيا إن كان رشيدا.
  وقوله: ساع مجتهد إلى قوله لا سادس كلام تقديره المكلفون على خمسة أقسام ساع مجتهد، وطالب راج ومقصر هالك، ثم قال: ثلاثة، أي: فهؤلاء ثلاثة أقسام، وهذا ينظر إلى قوله سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}[فاطر: ٣٢]، ثم ذكر القسمين الرابع والخامس، فقال: هما ملك طار بجناحيه ونبي أخذ الله بيده يريد عصمة هذين النوعين من القبيح، ثم قال لا سادس، أي: لم يبق في المكلفين قسم سادس، وهذا يقتضي أن العصمة ليست إلا للأنبياء والملائكة ولو كان الإمام يجب أن يكون معصوما لكان قسما سادسا، فإذن قد شهد هذا الكلام بصحة ما تقوله المعتزلة في نفي اشتراط العصمة في الإمامة، اللهم إلا أن يجعل الإمام المعصوم داخلا في القسم الأول، وهو الساعي المجتهد وفيه بعد وضعف.
  وقوله: هلك من ادعى وردي من اقتحم يريد هلك من ادعى، وكذب لا بد من تقدير ذلك؛ لأن الدعوى تعم الصدق والكذب وكأنه يقول هلك من ادعى الإمامة وردي من اقتحمها وولجها عن غير استحقاق؛ لأن كلامه # في هذه الخطبة كله كنايات عن الإمامة لا عن غيرها.