شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الأحاديث والأخبار الواردة في فضائل علي

صفحة 178 - الجزء 9

  الموضع لأنه بدل من البصر الذي هو خبر يكون والمراد بالبصر هاهنا البصيرة فيصير تقدير الكلام فالناظر بقلبه العامل بجوارحه يكون مبتدأ عمله بالفكر والبصيرة بأن يعلم أعمله له أم عليه.

  ويروى كالسابل على غير طريق والسابل طالب السبيل وقد جاء في الخبر المرفوع من عمل بغير هدى لم يزدد من الله إلا بعدا وفي كلام الحكماء العامل بغير علم كالرامي من غير وتر: وَاِعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ ظَاهِرٍ بَاطِناً عَلَى مِثَالِهِ فَمَا طَابَ ظَاهِرُهُ طَابَ بَاطِنُهُ وَمَا خَبُثَ ظَاهِرُهُ خَبُثَ بَاطِنُهُ وَقَدْ قَالَ اَلرَّسُولُ اَلصَّادِقُ ÷ إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلْعَبْدَ وَيُبْغِضُ عَمَلَهُ وَيُحِبُّ اَلْعَمَلَ وَيُبْغِضُ بَدَنَهُ هذا الكلام مشتق من قوله تعالى {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا}⁣[الأعراف: ٥٨] وهو تمثيل ضربه الله تعالى لمن ينجع فيه الوعظ والتذكير من البشر ولمن لا يؤثر ذلك فيه مثله بالأرض العذبة الطيبة تخرج النبت والأرض السبخة الخبيثة لا تنبت وكلام أمير المؤمنين # إلى هذا المعنى يومئ يقول إن لكلتا حالتي الإنسان الظاهرة أمرا باطنا يناسبها من أحواله والحالتان الظاهرتان ميله إلى العقل وميله إلى الهوى فالمتبع لمقتضى عقله يرزق السعادة والفوز فهذا هو الذي طاب