فصل في ذكر بعض غرائب الطيور وما فيها من عجائب
  من الدجاجة لأن له لحية ولا شيء أحنى على ولده منه وإذا عرض له شيء صاح فأقبلت إليه العصافير يساعدنه وليس لشيء في مثل جسم العصفور من شدة وطئه إذا مشى أو على السطح ما للعصفور فإنك إذا كنت تحت السطح ووقع حسبت وقعته وقعة حجر وذكور العصافير لا تعيش إلا سنة وكثيرا ما تجلب الحيات إلى المنازل لأن الحيات تتبعها حرصا على ابتلاع بيضها وفراخها.
  ويقال إن الدجاجة إذا باضت بيضتين في يوم واحد وتكرر ذلك ماتت وإذا هرمت الدجاجة لم يكن لأواخر ما تبيضه صفرة وإذا لم يكن للبيضة مح لم يخلق فيها فروج لأن غذاءه المح ما دام في البيضة وقد يكون للبيضة محان فتنفقص عن فروجين يخلقان من البياض ويغتذيان بالمحين لأن الفراريج تخلق من البياض وتغتذي بالصفرة وكل ديك فإنه يلتقط الحبة فيحذف بها إلى الدجاجة سماحا وإيثارا ولهذا قالوا أسمح من لاقطة يعنون الديكة إلا ديكة مرو بخراسان فإنها تطرد دجاجها عن الحب وتنزعه من أفواهها فتبتلعه.
  والحمامة بلهاء وفي أمثالهم أحمق من حمامة وهي مع حمقها مهتدية إلى مصالح نفسها وفراخها.
  قال ابن الأعرابي قلت لشيخ من العرب من علمك هذا قال علمني الذي علم الحمامة على بلهها تقليب بيضها كي تعطي الوجهين جميعا نصيبهما من الحضن.
  والهداية في الحمام لا تكون إلا في الخضر والسمر فأما الأسود الشديد السواد فهو كالزنجي القليل المعرفة والأبيض ضعيف القوة وإذا خرج الجوزل عن بيضته علم أبواه أن حلقه لا يتسع للغذاء فلا يكون لهما هم إلا أن ينفخا في حلقه الريح لتتسع حوصلته بعد التحامها ثم يعلمن أنه لا يحتمل في أول اغتذائه أن يزق بالطعم فيزقانه باللعاب المختلط