شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في القرآن وذكر الآثار التي وردت بفضله

صفحة 26 - الجزء 10

  من وظائفه فكشف بهذا الكلام معنى الغاية التي أجملها أولا ثم ذكر أنه شاهد لهم ومحاج يوم القيامة عنهم وهذا إشارة إلى قوله تعالى {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}⁣[الإسراء: ٧١].

  و حجيج فعيل بمعنى فاعل وإنما سمى نفسه حجيجا عنهم وإن لم يكن ذلك الموقف موقف مخاصمة لأنه إذا شهد لهم فكأنه أثبت لهم الحجة فصار محاجا عنهم.

  قوله # ألا وإن القدر السابق قد وقع يشير به إلى خلافته.

  وهذه الخطبة من أوائل الخطب التي خطب بها أيام بويع بعد قتل عثمان وفي هذا إشارة إلى أن رسول الله ÷ قد أخبره أن الأمر سيفضى إليه منتهى عمره وعند انقضاء أجله.

  ثم أخبرهم أنه سيتكلم بوعد الله تعالى ومحجته على عباده في قوله {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}⁣[فصلت: ٣٠] الآية ومعنى الآية أن الله تعالى وعد الذين أقروا بالربوبية ولم يقتصروا على الإقرار بل عقبوا ذلك بالاستقامة أن ينزل عليهم الملائكة عند موتهم بالبشرى ولفظة {ثمَّ} للتراخي والاستقامة مفضلة على الإقرار باللسان لأن الشأن كله في الاستقامة ونحوها قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}⁣[الحجرات: ١٥] أي ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته والاستقامة هاهنا هي الاستقامة الفعلية شافعة للاستقامة القولية وقد اختلف فيه قول أمير المؤمنين # وأبي بكر فقال أمير المؤمنين # أدوا الفرائض وقال أبو بكر استمروا على التوحيد.