شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر فوائد العزلة

صفحة 46 - الجزء 10

  كان الفضيل جالسا وحده في المسجد فجاء إليه أخ له فقال ما جاء بك قال المؤانسة قال هي والله بالمواحشة أشبه هل تريد إلا أن تتزين لي وأتزين لك وتكذب لي وأكذب لك إما أن تقوم عني وإما أن أقوم عنك.

  وقال بعض العلماء ما أحب الله عبدا إلا أحب ألا يشعر به خلقه.

  ودخل طاوس على هشام بن عبد الملك فقال كيف أنت يا هشام فغضب وقال لم لم تخاطبني بإمرة المؤمنين قال لأن جميع الناس ما اتفقوا على خلافتك فخشيت أن أكون كاذبا.

  فمن أمكنه أن يحترز هذا الاحتراز فليخالط الناس وإلا فليرض بإثبات اسمه في جريدة المنافقين إن خالطهم ولا نجاة من ذلك إلا بالعزلة.

  وأما سرقة الطبع من الغير فالتجربة تشهد بذلك لأن من خالط الأشرار اكتسب من شرهم وكلما طالت صحبة الإنسان لأصحاب الكبائر هانت الكبائر عنده وفي المثل فإن القرين بالمقارن يقتدي.

  ومنها الخلاص من الفتن والحروب بين الملوك والأمراء على الدنيا.

  روى أبو سعيد الخدري عن النبي ÷ أنه قال يوشك أن يكون خير مال المسلم غنيمات يتبع بها شعاف الجبال ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ÷ ذكر الفتن فقال إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم وخفت أمانتهم وكانوا هكذا وشبك