شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نسب عاد وثمود

صفحة 96 - الجزء 10

  هذا الكلام فسره كل طائفة على حسب اعتقادها فالشيعة الإمامية تزعم أن المراد به المهدي المنتظر عندهم والصوفية يزعمون أنه يعني به ولي الله في الأرض وعندهم أن الدنيا لا تخلو عن الأبدال وهم الأربعون وعن الأوتاد وهم سبعة وعن القطب وهو واحد فإذا مات القطب صار أحد السبعة قطبا عوضه وصار أحد الأربعين وتدا عوض الوتد وصار بعض الأولياء الذين يصطفيهم الله تعالى أبدالا عوض ذلك البدل.

  وأصحابنا يزعمون أن الله تعالى لا يخلي الأمة من جماعة من المؤمنين العلماء بالعدل والتوحيد وأن الإجماع إنما يكون حجة باعتبار أقوال أولئك العلماء لكنه لما تعذرت معرفتهم بأعيانهم اعتبر إجماع سائر العلماء وإنما الأصل قول أولئك.

  قالوا وكلام أمير المؤمنين # ليس يشير فيه إلى جماعة أولئك العلماء من حيث هم جماعة ولكنه يصف حال كل واحد منهم فيقول من صفته كذا ومن صفته كذا.

  والفلاسفة يزعمون أن مراده # بهذا الكلام العارف ولهم في العرفان وصفات أربابه كلام يعرفه من له أنس بأقوالهم وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمد ÷ في آخر الوقت إذا خلقه الله تعالى وإن لم يكن الآن موجودا فليس في الكلام ما يدل على وجوده الآن وقد وقع اتفاق الفرق من المسلمين أجمعين على أن الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا عليه.

  قوله # قد لبس للحكمة جنتها الجنة ما يستتر به من السلاح كالدرع ونحوها ولبس جنة الحكمة قمع النفس عن المشتهيات وقطع علائق النفس عن