شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

188 - ومن خطبة له #

صفحة 171 - الجزء 10

  أُوصِيكُمْ عِبَادَ اَللَّهِ بِتَقْوَى اَللَّهِ فَإِنَّهَا اَلزِّمَامُ وَاَلْقِوَامُ فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِهَا وَاِعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا تَؤُلْ بِكُمْ إِلَى أَكْنَانِ اَلدَّعَةِ وَأَوْطَانِ اَلسَّعَةِ وَمَعَاقِلِ اَلْحِرْزِ وَمَنَازِلِ اَلْعِزِّ فِي يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصَارُ وَتُظْلِمُ لَهُ اَلْأَقْطَارُ وَتُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ اَلْعِشَارِ وَيُنْفَخُ فِي اَلصُّورِ فَتَزْهَقُ كُلُّ مُهْجَةٍ وَتَبْكُمُ كُلُّ لَهْجَةٍ وَتَذِلُّ اَلشُّمُّ اَلشَّوَامِخُ وَاَلصُّمُّ اَلرَّوَاسِخُ فَيَصِيرُ صَلْدُهَا سَرَاباً رَقْرَاقاً رَقْرَقاً وَمَعْهَدُهَا قَاعاً سَمْلَقاً فَلاَ شَفِيعٌ يَشْفَعُ وَلاَ حَمِيمٌ يَنْفَعُ وَلاَ مَعْذِرَةٌ تَدْفَعُ أظهر سبحانه من آثار سلطانه نحو خلق الأفلاك ودخول بعضها في بعض كالمميل الذي يشتمل على المائل وفلك التدوير وغيرهما ونحو خلق الإنسان وما تدل كتب التشريح من عجيب الحكمة فيه ونحو خلق النبات والمعادن وترتيب العناصر وعلاماتها والآثار العلوية المتجددة حسب تجدد أسبابها ما حير عقول هؤلاء وأشعر بأنها إذا لم يحط بتفاصيل تلك الحكم مع أنها مصنوعة فالأولى ألا تحيط بالصانع الذي هو بريء عن المادة وعلائق الحس.

  والمقل جمع مقلة وهي شحمة العين التي تجمع السواد والبياض ومقلت الشيء نظرت إليه بمقلتي وأضاف المقل إلى العقول مجازا ومراده البصائر.

  وردع زجر ودفع وهماهم النفوس أفكارها وما يهمهم به عند التمثيل والروية في الأمر وأصل الهمهمة صويت يسمع لا يفهم محصوله.