شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

سياسة علي وجريها على سياسة الرسول #

صفحة 221 - الجزء 10

  معاوية على سواء قتل من أصحابه رؤساء ومن أصحاب معاوية رؤساء وانصرف كل واحد من الفريقين عن صاحبه بعد الحرب على مكانه ثم حارب بعد صفين أهل النهروان فكان الظفر له.

  قال ومن العجب أن أول حروب رسول الله ÷ كانت بدرا وكان هو المنصور فيها وأول حروب علي # الجمل وكان هو المنصور فيها ثم كان من صحيفة الصلح والحكومة يوم صفين نظير ما كان من صحيفة الصلح والهدنة يوم الحديبية ثم دعا معاوية في آخر أيام علي # إلى نفسه وتسمى بالخلافة كما أن مسيلمة والأسود العنسي دعوا إلى أنفسهما في آخر أيام رسول الله ÷ وتسميا بالنبوة واشتد على علي # ذلك كما اشتد على رسول الله ÷ أمر الأسود ومسيلمة وأبطل الله أمرهما بعد وفاة النبي ÷ وكذلك أبطل أمر معاوية وبني أمية بعد وفاة علي # ولم يحارب رسول الله ÷ أحد من العرب إلا قريش ما عدا يوم حنين ولم يحارب عليا # من العرب أحد إلا قريش ما عدا يوم النهروان ومات علي # شهيدا بالسيف ومات رسول الله ÷ شهيدا بالسم وهذا لم يتزوج على خديجة أم أولاده حتى ماتت وهذا لم يتزوج على فاطمة أم أشرف أولاده حتى ماتت ومات رسول الله ÷ عن ثلاث وستين سنة ومات علي # عن مثلها.

  وكان يقول انظروا إلى أخلاقهما وخصائصهما هذا شجاع وهذا شجاع وهذا فصيح وهذا فصيح وهذا سخي جواد وهذا سخي جواد وهذا عالم بالشرائع والأمور الإلهية وهذا عالم بالفقه والشريعة والأمور الإلهية الدقيقة الغامضة وهذا زاهد في الدنيا غير نهم ولا مستكثر منها وهذا زاهد في الدنيا تارك لها غير متمتع بلذاتها وهذا مذيب نفسه في الصلاة والعبادة وهذا مثله وهذا غير محبب إليه شيء من الأمور العاجلة