شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ما رواه أبو حيان في حديث السقيفة

صفحة 282 - الجزء 10

  فقال ما كان قعودي في كسر هذا البيت قصدا لخلاف ولا إنكارا لمعروف ولا زراية على مسلم بل لما وقذني به رسول الله ÷ من فراقه وأودعني من الحزن لفقده فإني لم أشهد بعده مشهدا إلا جدد علي حزنا وذكرني شجنا وإن الشوق إلى اللحاق به كاف عن الطمع في غيره وقد عكفت على عهد الله أنظر فيه وأجمع ما تفرق منه رجاء ثواب معد لمن أخلص لله عمله وسلم لعلمه ومشيئته أمره على أني أعلم أن التظاهر علي واقع ولي عن الحق الذي سيق إلي دافع وإذ قد أفعم الوادي لي وحشد النادي علي فلا مرحبا بما ساء أحدا من المسلمين وفي النفس كلام لو لا سابق قول وسالف عهد لشفيت غيظي بخنصري وبنصري وخضت لجته بأخمصي ومفرقي ولكني ملجم إلى أن ألقى الله تعالى عنده أحتسب ما نزل بي وأنا غاد إن شاء الله إلى جماعتكم ومبايع لصاحبكم وصابر على ما ساءني وسركم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وكان الله على كل شيء شهيدا.

  قال أبو عبيدة فعدت إلى أبي بكر وعمر فقصصت القول على غره ولم أترك شيئا من حلوه ومره ذكرت غدوة إلى المسجد فلما كان صباح يومئذ وافى علي فخرق الجماعة إلى أبي بكر وبايعه وقال خيرا ووصف جميلا وجلس زمينا واستأذن للقيام ونهض فتبعه عمر إكراما له وإجلالا لموضعه واستنباطا لما في نفسه وقام أبو بكر إليه فأخذ بيده وقال إن عصابة أنت منها يا أبا الحسن لمعصومة وإن أمة أنت فيها لمرحومة ولقد أصبحت عزيزا علينا كريما لدينا نخاف الله إن سخطت ونرجوه إذا رضيت ولو لا أني شدهت لما أجبت إلى ما دعيت إليه ولكني خفت