شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أدعية فصيحة من كلام أبي حيان التوحيدي

صفحة 277 - الجزء 11

  وتوليتنا بباطن فعلك فسمت نحوك أبصارنا وشامت بروق جودك بصائرنا فلما استقر ما بيننا وبينك أرسلت علينا سماء فضلك مدرارا وفتحت لنا منا أسماعا وأبصارا فرأينا ما طاح معه تحصيلنا وسمعنا ما فارقنا عنده تفضيلنا فلما سرنا إلى خلقك من ذلك ذروا اتخذونا من أجله لعبا وهزوا فبقدرتك على بلوانا بهم أرنا بك الغنى عنهم اللهم قيض لنا فرجا من عندك وأنح لنا مخلصا إليك فإنا قد تعبنا بخلقك وعجزنا عن تقويمهم لك ونحن إلى مقاربتهم في مخالفتك أقرب منا إلى منابذتهم في موافقتك لأنه لا طاقة لنا بدهمائهم ولا صبر لنا على بلوائهم ولا حيلة لنا في شفائهم فنسألك بالضراعة التامة وبالإخلاص المرفود إلا أخذت بأيدينا وأرسلت رحمتك علينا فما أقدرك على الإجابة وما أجودك بكل مصون يا ذا الجلال والإكرام.

  ومنها اللهم إنا قربنا بك فلا تنئنا عنك وظهرنا لك فلا تبطنا دونك ووجدناك بما ألقيت إلينا من غيب ملكوتك وعزفنا عن كل ما لوانا عن بابك ووثقنا بكل ما وعدتنا في كتابك وتوكلنا بالسر والعلن على لطيف صنعك.

  اللهم إليك نظرت العيون فعادت خاسئة عبرى وفيك تقسمت الظنون فانقلبت يائسة حسرى وفي قدرتك حارت الأبصار وفي حكمتك طاحت البصائر وفي آلائك غرقت الأرواح وعلى ما كان منك تقطعت الأنفاس ومن أجل إعراضك التهبت الصدور ولذكر ما مضى منك هملت الدموع اللهم تولنا فيما وليتنا حتى لا نتولى عنك وأمنا مما خوفتنا حتى نقر معك وأوسعنا رحمتك حتى نطمئن إلى ما وعدتنا في كتابك وفرق بيننا وبين الغل حتى لا نعامل به خلقك وأغننا بك حتى لا نفتقر إلى عبادك فإنك إذا يسرت أمرا تيسر ومهما بلوتنا فلا تبلنا بهجرك ولا تجرعنا مرارة سخطك لا قد اعترفنا بربوبيتك