شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الخامس

صفحة 212 - الجزء 12

  يقتضي ذلك وإنما يفضل الإمام في العطاء ذوي الأسباب المقتضية لذلك مثل الجهاد وغيره من الأمور العام نفعها للمسلمين.

  وقوله إن لهن حقا في بيت المال صحيح إلا أنه لا يقتضي تفضيلهن على غيرهن وما عيب بدفع حقهن إليهن وإنما عيب بالزيادة عليه وما يعلم أن أمير المؤمنين # استمر على ذلك وإن كان صحيحا كما ادعى فالسبب الداعي إلى الاستمرار عليه هو السبب الداعي إلى الاستمرار على جميع الأحكام فأما تعلقه بدفع أمير المؤمنين إلى الحسن والحسين وغيرهما شيئا من بيت المال فعجب لأنه لم يفضل هؤلاء في العطية فيشبه ما ذكرناه في الأزواج وإنما أعطاهم حقوقهم وسوى بينهم وبين غيرهم.

  فأما الخمس فهو للرسول ولأقربائه على ما نطق به القرآن وإنما عنى تعالى بقوله {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}⁣[الأنفال: ٤١] من كان من آل الرسول خاصة لأدلة كثيرة لا حاجة بنا إلى ذكرها هاهنا وقد روى سليم بن قيس الهلالي قال سمعت أمير المؤمنين # يقول نحن والله الذين عنى الله بذي القربى قرنهم الله بنفسه ونبيه ÷ فقال ما {أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}⁣[الحشر: ٧] كل هؤلاء منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله تعالى نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس وروى يزيد بن هرم قال كتب نجده إلى ابن عباس يسأله عن الخمس لمن هو فكتب إليه كتبت تسألني عن الخمس لمن هو وإنا كنا نزعم أنه لنا فأبى قومنا علينا ذلك فصبرنا عليه.

  قال وأما الاجتهاد الذي عول عليه فليس عذرا في إخراج الخمس عن أهله فقد أبطلناه.