شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

المقدمة

صفحة 38 - الجزء 1

  أحمل الضيم في بلاد الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي

  من أبوه أبي ومولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي

  لف عرقي بعرقه سيدا الناس ... جميعا محمد وعلي

  وقال القادر للنقيب أبي أحمد: قل: لولدك محمد أي هوان قد أقام عليه عندنا، وأي ضيم لقي من جهتنا، وأي ذل أصابه في مملكتنا، وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضى إليه أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا ألم نوله النقابة ألم نوله المظالم، ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز وجعلناه أمير الحجيج، فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا ما نظنه كان يكون لو حصل عنده إلا واحدا من أبناء الطالبيين بمصر، فقال النقيب أبو أحمد: أما هذا الشعر فمما لم نسمعه منه ولا رأيناه بخطه ولا يبعد أن يكون بعض أعدائه نحلة إياه وعزاه إليه، فقال: القادر إن كان كذلك فلتكتب الآن محضرا يتضمن القدح في أنساب ولاة مصر ويكتب محمد خطه فيه فكتب محضرا بذلك شهد فيه جميع من حضر المجلس منهم النقيب أبو أحمد وابنه المرتضى، وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطه فيه حمله أبوه وأخوه فامتنع من سطر خطه، وقال: لا أكتب وأخاف دعاة صاحب مصر وأنكر الشعر وكتب خطه، وأقسم فيه أنه ليس بشعره وأنه لا يعرفه فأجبره أبوه على أن يكتب خطه في المحضر فلم يفعل، وقال: أخاف دعاة المصريين وغيلتهم لي فإنهم معروفون بذلك، فقال أبوه: يا عجباه! أتخاف من بينك وبينه ستمائة فرسخ ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع وحلف ألا يكلمه وكذلك المرتضى فعلا ذلك تقية وخوفا من القادر