شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثامن

صفحة 255 - الجزء 12

  الرسول ÷ وأنه كان متدينا بالإسلام وتابعا للرسول الذي جاء به فوجب أن يحمل كلامه على أنه أراد أنهما كانتا ثم حرمتا ثم أنا الآن أعاقب من فعلهما لأنه قد كان بلغه عن قوم من المسلمين بعد علمهم بالتحريم وقول المرتضى لعله كان اعتقد أن الإباحة أيام رسول الله ÷ كانت مشروطة بشرط لم يوجد في أيامه قول يبطل طعنه في عمر ويمهد له عذرا ويصير المسألة اجتهادية.

  وأما طعنه في الاحتجاج على تصويب عمر بترك الإنكار عليه وقوله فهلا أنكروا عليه قوله لا أرى أحدا يستمتع إلا رجمته فليس بطعن مستقيم وإنما يكون طعنا صحيحا لو كان أتى بمتمتع فأمر برجمه فأما أن ينكروا عليه وعيده وتهديده لا لإنسان معين بل كلاما مطلقا وقولا كليا يقصد به حسم المادة في المتعة وتخويف فاعلها فإنه ليس بمحل للإنكار عليه وما زالت الأئمة والصالحون يتوعدون بأمر ليس في نفوسهم فعله على طريق التأديب والتهذيب على أن قوما من الفقهاء قد أوجبوا إقامة الحد على المتمتع فلا يمتنع أن يكون عمر ذاهبا إلى هذا المذهب.

  فأما ما رواه عن أمير المؤمنين # وعن الطاهرين من أولاده من تحليل المتعة فلسنا في هذا المقام نناكره في ذلك وننازعه فيها والمسألة فقهية من فروع الشريعة وليس كتابنا موضوعا لذكره ولا الموضع الذي نحن فيه يقتضي الحجاج فيها والبحث في تحليلها وتحريمها وإنما الموضع موضع الكلام في حال عمر وما نقل عنه من الكلمة هل يقتضي ذلك الطعن في دينه أم لا.

  فأما متعة الحج فقد اعتذر لنفسه وقال ما قدمنا ذكره من أن الحج بهاء من بهاء الله وأن التمتع يكسفه ويذهب نوره ورونقه وأنهم يظلون معرسين تحت الأراك ثم