229 - ومن كلام له #
  افترقت لأنها تولدت من أغذية مختلفة المنبت من العذوبة والملوحة وذلك لأن النطفة لا تتولد من غذاء بعينه بل من مجموع الأغذية وتلك الأغذية لا يمكن أن تكون كلها من أرض سبخة محضة في السبخية لأن هذا من الاتفاقات التي يعلم عدم وقوعها كما يعلم أنه لا يجوز أن يتفق أن يكون أهل بغداد في وقت بعينه على كثرتهم لا يأكلون ذلك اليوم إلا السكباج خاصة وأيضا فإن الأرض السبخة أو التي الغالب عليها السبخية لا تنبت الأقوات أصلا وإن أريد الثاني وهو أن يكون طين آدم # مختلطا في جوهره مختلفا في طبائعه فلم كان زيد الأحمق يتولد من الجزء السبخي وعمرو العاقل يتولد من الجزء العذبي وكيف يؤثر اختلاف طين آدم من ستة آلاف سنة في أقوام يتوالدون الآن.
  والذي أراه أن لكلامه # تأويلا باطنا وهو أن يريد به اختلاف النفوس المدبرة للأبدان وكنى عنها بقوله مبادئ طينهم وذلك أنها لما كانت الماسكة للبدن من الانحلال العاصمة له من تفرق العناصر صارت كالمبدإ وكالعلة له من حيث إنها كانت علة في بقاء امتزاجه واختلاط عناصره بعضها ببعض ولذلك إذا فارقت عند الموت افترقت العناصر وانحلت الأجزاء فرجع اللطيف منها إلى الهواء والكثيف إلى الأرض.
  وقوله كانوا فلقة من سبخ أرض وعذبها وحزن تربة وسهلها تفسيره أن البارئ ﷻ لما خلق النفوس خلقها مختلفة في ماهيتها فمنها الزكية ومنها الخبيثة ومنها العفيفة ومنها الفاجرة ومنها القوية ومنها الضعيفة ومنها الجريئة المقدمة ومنها الفشلة الذليلة إلى غير ذلك من أخلاق النفوس المختلفة المتضادة.
  ثم فسر # وعلل تساوي قوم في الأخلاق وتفاوت آخرين فيها فقال