شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر غرائب الجراد وما احتوت عليه من صنوف الصنعة

صفحة 68 - الجزء 13

  أصهب إلى البياض ثم يصفر وتتلون فيه خطوط إلى السواد ثم يصير فيه خطوط سود وبيض ثم يبدو حجم جناحه ثم يستقل فيموج بعضه في بعض.

  قال أبو عثمان ويزعم قوم أن الجراد قد يريد الخضرة ودونه النهر الجاري فيصير بعضه جسرا لبعض حتى يعبر إلى الخضرة وأن ذلك حيلة منها.

  وليس كما زعموا ولكن الزحف الأول من الدباء يريد الخضرة فلا يستطيعها إلا بالعبور إليها فإذا صارت تلك القطعة فوق الماء طافية صارت لعمري أرضا للزحف الثاني الذي يريد الخضرة فإن سموا ذلك جسرا استقام فأما أن يكون الزحف الأول مهد للثاني ومكن له وآثره بالكفاية فهذا ما لا يعرف ولو أن الزحفين جميعا أشرفا على النهر وأمسك أحدهما عن تكلف العبور حتى يمهد له الآخر لكان لما قالوه وجه.

  قال أبو عثمان ولعاب الجراد سم على الأشجار لا يقع على شيء إلا أحرقه.

  فأما الحكماء فيذكرون في كتبهم أن أرجل الجراد تقلع الثآليل وأنه إذا أخذت منه اثنتا عشرة جرادة ونزعت رءوسها وأطرافها وجعل معها قليل آس يابس وشربت للاستسقاء كما هي نفعت نفعا بينا وأن التبخر بالجراد ينفع من عسر البول وخاصة في النساء وأن أكله ينفع من تقطيره وقد يبخر به للبواسير وينفع أكله من لسعة العقرب.

  ويقال إن الجراد الطوال إذا علق على من به حمى الربع نفعه