شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

المقدمة

صفحة 4 - الجزء 1

  محمد بن أحمد بن محمد العلقمي نصير أمير المؤمنين أسبغ الله عليه من ملابس النعم أضفاها وأحله من مراقب السعادة، ومراتب السيادة أشرفها وأعلاها لما شرفت عبد دولته وربيب نعمته بالاهتمام بشرح نهج البلاغة على صاحبه أفضل الصلوات، ولذكره أطيب التحيات بادر إلى ذلك مبادرة من بعثه من قبل عزم، ثم حمله أمر جزم وشرع فيه بادي الرأي شروع مختصر وعلى ذكر الغريب والمعنى مقتصر، ثم تعقب الفكر فرأى أن هذه النغبة لا تشفي أواما، ولا تزيد الحائم إلا خياما فتنكب ذلك المسلك، ورفض ذلك المنهج وبسط القول في شرحه بسطا اشتمل على الغريب والمعاني وعلم البيان، وما عساه يشتبه ويشكل من الإعراب والتصريف، وأورد في كل موضع ما يطابقه من النظائر والأشباه نثرا ونظما، وذكر ما يتضمنه من السير والوقائع والأحداث فصلا فصلا، وأشار إلى ما ينطوي عليه من دقائق علم التوحيد والعدل إشارة خفيفة، ولوح إلى ما يستدعي الشرح ذكره من الأنساب والأمثال والنكت تلويحات لطيفة، ورصعه من المواعظ الزهدية والزواجر الدينية والحكم النفسية والآداب الخلقية المناسبة لفقره والمشاكلة لدرره، والمنتظمة مع معانيه في سمط والمتسقة مع جواهره في لط بما يهزأ بشنوف النضار ويخجل قطع الروض غب القطار، وأوضح ما يومئ إليه من المسائل الفقهية وبرهن على أن كثيرا من فصوله داخل في باب المعجزات المحمدية لاشتمالها على