شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات

صفحة 178 - الجزء 13

  به حالهم حين بعث إليهم محمدا ÷ فعقد عليهم طاعتهم كالشيء المنتشر المحلول فعقدها بملة محمد ص.

  والجداول الأنهر.

  والتفت الملة بهم أي كانوا متفرقين فالتفت ملة محمد بهم أي جمعتهم ويقال التف الحبل بالحطب أي جمعه والتف الحطب بالحبل أي اجتمع به.

  وفي في قوله في عوائد بركتها متعلقة بمحذوف وموضع الجار والمجرور نصب على الحال أي جمعتهم الملة كائنة في عوائد بركتها والعوائد جمع عائدة وهي المنفعة تقول هذا أعود عليك أي أنفع لك وروي والتقت الملة بالقاف أي اجتمعت بهم من اللقاء والرواية الأولى أصح.

  وأصبحوا في نعمتها غرقين مبالغة في وصف ما هم فيه من النعمة.

  وفاكهين ناعمين وروي فكهين أي أشرين وقد قرئ بهما في قوله تعالى {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ٢٧}⁣[الدخان: ٢٧] وقال الأصمعي فاكهين مازحين والمفاكهة الممازحة ومن أمثالهم لا تفاكه أمة ولا تبل على أكمة فأما قوله تعالى {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ٦٥}⁣[الواقعة: ٦٥] فقيل تندمون وقيل تعجبون.

  وعن في قوله وعن خضرة عيشها متعلقة بمحذوف تقديره فأصبحوا فاكهين فكاهة صادرة عن خضرة عيشها أي خضرة عيش النعمة سبب لصدور الفكاهة والمزاح عنه.

  وتربعت الأمور بهم أي أقامت من قولك ربع بالمكان أي أقام به.