ذكر حال رسول الله في نشوئه
  ظئري أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وتقول يا ضعيفاه فانكب علي أولئك الرهط فقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا حبذا أنت من ضعيف ثم قالت ظئري يا وحيداه فانكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قالوا حبذا أنت من وحيد وما أنت بوحيد إن الله وملائكته معك والمؤمنين من أهل الأرض ثم قالت ظئري يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك فانكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا حبذا أنت من يتيم ما أكرمك على الله لو تعلم ما يراد بك من الخير قال فوصل الحي إلى شفير الوادي فلما بصرت بي أمي وهي ظئري نادت يا بني ألا أراك حيا بعد فجاءت حتى انكبت علي وضمتني إلى صدرها فو الذي نفسي بيده إني لفي حجرها قد ضمتني إليها وإن يدي لفي يد بعضهم فجعلت ألتفت إليهم وظننت أن القوم يبصرونهم فإذا هم لا يبصرونهم فيقول بعض القوم إن هذا الغلام قد أصابه لمم أو طائف من الجن فانطلقوا به إلى كاهن بني فلان حتى ينظر إليه ويداويه فقلت ما بي شيء مما يذكرون نفسي سليمة وإن فؤادي صحيح ليست بي قلبة فقال أبي وهو زوج ظئري ألا ترون كلامه صحيحا إني لأرجو ألا يكون على ابني بأس.
  فاتفق القوم على أن يذهبوا إلى الكاهن بي فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه فقصوا عليه قصتي فقال اسكتوا حتى أسمع من الغلام فهو أعلم بأمره منكم فسألني فقصصت عليه أمري وأنا يومئذ ابن خمس سنين فلما سمع قولي وثب وقال يا للعرب اقتلوا هذا الغلام فهو واللات والعزى لئن عاش ليبدلن دينكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بما لم تسمعوا به قط فانتزعتني ظئري من حجره وقالت لو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به