قدوم عمرو بن العاص على معاوية
  أم أقعد في بيتي وفي ذاك راحة ... لشيخ يخاف الموت في كل شارق
  وقد قال عبد الله قولا تعلقت ... به النفس إن لم تقتطعني عوائقي
  وخالفه فيه أخوه محمد ... وإني لصلب العود عند الحقائق
  فقال عبد الله رحل الشيخ ودعا عمرو غلامه وردان وكان داهيا ماردا فقال ارحل يا وردان ثم قال احطط يا وردان ثم قال ارحل يا وردان احطط يا وردان فقال له وردان خلطت أبا عبد الله أما إنك إن شئت أنبأتك بما في قلبك قال هات ويحك قال اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك فقلت علي معه الآخرة في غير دنيا وفي الآخرة عوض من الدنيا ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة وليس في الدنيا عوض من الآخرة وأنت واقف بينهما قال قاتلك الله ما أخطأت ما في قلبي فما ترى يا وردان قال أرى أن تقيم في بيتك فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك قال الآن لما أشهرت العرب سيري إلى معاوية فارتحل وهو يقول:
  يا قاتل الله وردانا وقدحته ... أبدى لعمرك ما في النفس وردان
  لما تعرضت الدنيا عرضت لها ... بحرص نفسي وفي الأطباع إدهان
  نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها ... والمرء يأكل تبنا وهو غرثان
  أما علي فدين ليس يشركه ... دنيا وذاك له دنيا وسلطان