شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

240 - ومن كلام له # اقتص فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبي ÷ ثم لحاقه به

صفحة 305 - الجزء 13

  في الحديد واحبسوه في دار من دوركم وتربصوا به أن يصيبه من الموت ما أصاب أمثاله من الشعراء وكان عتبة بن ربيعة سيد بني عبد شمس ورئيسهم وهم من بني عبد مناف وبنو عم الرجل ورهطه فأحجم أبو جهل وأصحابه تلك الليلة عن قتله إحجاما ثم تسوروا عليه وهم يظنونه في الدار فلما رأوا إنسانا مسجى بالبرد الأخضر الحضرمي لم يشكوا أنه هو وائتمروا في قتله فكان أبو جهل يذمرهم عليه فيهمون ثم يحجمون ثم قال بعضهم لبعض ارموه بالحجارة فرموه فجعل علي يتضور منها ويتقلب ويتأوه تأوها خفيفا فلم يزالوا كذلك في إقدام عليه وإحجام عنه لما يريده الله تعالى من سلامته ونجاته حتى أصبح وهو وقيذ من رمي الحجارة ولو لم يخرج رسول الله ÷ إلى المدينة وأقام بينهم بمكة ولم يقتلوه تلك الليلة لقتلوه في الليلة التي تليها وإن شبت الحرب بينهم وبين عبد مناف فإن أبا جهل لم يكن بالذي ليمسك عن قتله وكان فاقد البصيرة شديد العزم على الولوغ في دمه.

  قلت للنقيب أفعلم رسول الله ÷ وعلي # بما كان من نهي عتبة لهم قال لا إنهما لم يعلما ذلك تلك الليلة وإنما عرفاه من بعد ولقد قال رسول الله ÷ يوم بدر لما رأى عتبة وما كان منه إن يكن في القوم خير ففي صاحب الجمل الأحمر ولو قدرنا أن عليا # علم ما قال لهم عتبة لم يسقط ذلك فضيلته في المبيت لأنه لم يكن على ثقة من أنهم يقبلون قول عتبة بل كان ظن الهلاك والقتل أغلب.

  وأما حال علي # فلما أدى الودائع خرج بعد ثلاث من هجرة النبي ÷