شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

27 - ومن خطبة له #

صفحة 76 - الجزء 2

  يقال له حسان بن حسان فخرج مغضبا يجر رداءه حتى أتى النخيلة واتبعه الناس فرقي رباوة من الأرض فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ÷.

  ثم قال أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذل وسيما الخسف.

  وقال في شرح ذلك قوله وسيما الخسف هكذا حدثونا به وأظنه سيم الخسف من قوله تعالى {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}⁣[البقرة: ٤٩] وقال فإن نصرنا ما سمعناه فسيما الخسف تأويله علامة الخسف قال الله تعالى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ}⁣[الفتح: ٢٩] وقال {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}⁣[الرحمن: ٤١] وسيما مقصور وفي معناه سيمياء ممدود قال الشاعر:

  غلام رماه الله بالحسن يافعا ... له سيمياء لا تشق على البصر

  ونحن نقول إن السماع الذي حكاه أبو العباس غير مرضي والصحيح ما تضمنه نهج البلاغة وهو سيم الخسف فعل ما لم يسم فاعله والخسف منصوب لأنه مفعول وتأويله أولي الخسف وكلف إياه والخسف الذل والمشقة.

  وأيضا فإن في نهج البلاغة لا يمكن أن يكون إلا كما اخترناه لأنه بين أفعال متعددة بنيت للمفعول به وهي ديث وضرب وأديل ومنع