شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الفصل الثالث قصة غزوة بدر

صفحة 111 - الجزء 14

  ببطان ناقة رسول الله ÷ فقال له ولقيس بن محرث ما أخرجكما قال كنت ابن أختنا وجارنا وخرجنا مع قومنا للغنيمة فقال ÷ لا يخرجن معنا رجل ليس على ديننا فقال خبيب لقد علم قومي أني عظيم الغناء في الحرب شديد النكاية فأقاتل معك للغنيمة ولا أسلم فقال رسول الله ÷ لا ولكن أسلم ثم قاتل فلما كان بالروحاء جاء فقال يا رسول الله أسلمت لرب العالمين وشهدت أنك رسول الله فسر بذلك وقال امضه فكان عظيم الغناء في بدر وفي غير بدر وأما قيس بن الحارث فأبى أن يسلم فرجع إلى المدينة فلما قدم النبي ÷ من بدر أسلم وشهد أحدا فقتل.

  قال الواقدي ولما خرج رسول الله ÷ صام يوما أو يومين ثم نادى مناديه يا معشر العصاة إني مفطر فأفطروا وذلك أنه قد كان قال لهم قبل ذلك أفطروا فلم يفعلوا.

  قلت هذا هو سر النبوة وخاصيتها إذا تأمل المتأملون ذلك وهو أن يبلغ بهم حبه وطاعته وقبول قوله على أن يكلفهم ما يشق عليهم فيمتثلوه امتثالا صادرا عن حب شديد وحرص عظيم على الطاعة حتى إنه لينسخه عنهم ويسقط وجوبه عليهم فيكرهون ذلك ولا يسقطونه عن أنفسهم إلا بعد الإنكار التام وهذا أحسن من المعجزات الخارقة للعادات بل هذا بعينه معجزة خارقة للعادة أقوى وآكد من شق البحر وقلب العصا حية.

  قال الواقدي ومضى رسول الله ÷ حتى إذا كان دوين بدر أتاه الخبر بمسير قريش فأخبر رسول الله ÷ بمسيرهم واستشار الناس