القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة
  الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ٢٦}[نوح: ٢٦] فدعا عليهم دعوة أغرق الله بها الأرض جميعا ومثل موسى إذ يقول {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ٨٨}[يونس: ٨٨] وإن بكم عيلة فلا يفوتنكم رجل من هؤلاء إلا بفداء أو ضربة عنق فقال عبد الله بن مسعود يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء.
  قال الواقدي هكذا روى ابن أبي حبيبة وهذا وهم سهيل بن بيضاء مسلم من مهاجرة الحبشة وشهد بدرا وإنما هو أخ له ويقال له سهيل قال قال عبد الله بن مسعود فإني رأيته يظهر الإسلام بمكة قال فسكت النبي ÷ قال عبد الله فما مرت علي ساعة قط كانت أشد علي من تلك الساعة جعلت أنظر إلى السماء أتخوف أن تسقط علي الحجارة لتقدمي بين يدي الله ورسوله بالكلام فرفع رسول الله ÷ رأسه فقال إلا سهيل بن بيضاء قال فما مرت علي ساعة أقر لعيني منها إذ قالها رسول الله ÷ ثم قال إن الله ø ليشدد القلب حتى يكون أشد من الحجارة وإنه ليلين القلب حتى يكون ألين من الزبد فقبل الفداء ثم قال بعد لو نزل عذاب يوم بدر لما نجا منه إلا عمر كان يقول اقتل ولا تأخذ الفداء وكان سعد بن معاذ يقول اقتل ولا تأخذ الفداء.
  قلت عندي في هذا كلام أما في أصل الحديث فلأن فيه أن رسول الله ÷ قال ومثله كعيسى إذ قال {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١١٨}[المائدة: ١١٨] وهذه الآية من المائدة والمائدة أنزلت في آخر عمره ولم ينزل بعدها إلا سورة براءة وبدر كانت في السنة الثانية من الهجرة فكيف هذا اللهم إلا أن يكون قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ}[المائدة: ١١٦] الآيات قد كانت أنزلت أما بمكة أو بالمدينة قبل بدر،