شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قصة غزوة أحد

صفحة 226 - الجزء 14

  على ما صنعوا وقال الذين يلحون على رسول الله ÷ ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك وما كان لنا أن نستكرهك والأمر إلى الله ثم إليك فقال قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه قال وكانت الأنبياء قبله إذا لبس النبي لأمته لم يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه ثم قال لهم انظروا ما أمرتكم به فاتبعوه امضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم.

  قلت فمن تأمل أحوال المسلمين في هذه الغزاة من فشلهم وخورهم واختلافهم في الخروج من المدينة والمقام بها وكراهة النبي ÷ للخروج ثم خروجه على مضض ثم ندم القوم الذين أشاروا بالخروج ثم انخزال طائفة كثيرة من الجيش عن الحرب ورجوعهم إلى المدينة علم أنه لا انتصار لهم على العدو أصلا فإن النصر معروف بالعزم والجد والبصيرة في الحرب واتفاق الكلمة ومن تأمل أيضا هذه الأحوال علم أنها ضد الأحوال التي كانت في غزاة بدر وأن أحوال قريش لما خرجت إلى بدر كانت مماثلة لأحوال المسلمين لما خرجوا إلى أحد ولذلك كانت الدبرة في بدر على قريش.

  قال الواقدي وكان مالك بن عمرو النجاري مات يوم الجمعة فلما دخل رسول الله ÷ فلبس لأمته وخرج وهو موضوع عند موضع الجنائز صلى عليه ثم دعا بدابته فركب إلى أحد.

  قال الواقدي وجاء جعيل بن سراقة إلى النبي ÷ وهو متوجه إلى أحد فقال يا رسول الله قيل لي إنك تقتل غدا وهو يتنفس مكروبا فضرب النبي ÷ بيده إلى صدره وقال أليس الدهر كله غدا قال ثم دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر بن الجموح ويقال إلى سعد بن عبادة ودفع لواء المهاجرين