35 - ومن كتاب له # إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر
  محمد ÷ مربيه ومخرجه والعناية الإلهية تمده وترفده أن يكون منه ما كان.
  يقال احتسب ولده إذا مات كبيرا وافترط ولده إذا مات صغيرا قوله فمنهم الآتي قسم جنده أقساما فمنهم من أجابه وخرج كارها للخروج كما قال تعالى {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٦}[الأنفال: ٦] ومنهم من قعد واعتل بعلة كاذبة كما قال تعالى {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ١٣}[الأحزاب: ١٣] ومنهم من تأخر وصرح بالقعود والخذلان كما قال تعالى {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٨١] والمعنى أن حاله كانت مناسبة لحال النبي ÷ ومن تذكر أحوالهما وسيرتهما وما جرى لهما إلى أن قبضا علم تحقيق ذلك.
  ثم أقسم أنه لو لا طمعه في الشهادة لما أقام مع أهل العراق ولا صحبهم.
  فإن قلت فهلا خرج إلى معاوية وحده من غير جيش إن كان يريد الشهادة قلت ذلك لا يجوز لأنه إلقاء النفس إلى التهلكة وللشهادة شروط متى فقدت فلا يجوز أن تحمل إحدى الحالتين على الأخرى