شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

39 - ومن كتاب له # إلى عمرو بن العاص

صفحة 160 - الجزء 16

٣٩ - ومن كتاب له # إلى عمرو بن العاص

  فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا اِمْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ يَشِينُ اَلْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ وَيُسَفِّهُ اَلْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَطَلَبْتَ فَضْلَهُ اِتِّبَاعَ اَلْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ وَيَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ وَلَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ فَإِنْ يُمَكِّنِ يُمَكِّنِّي اَللَّهُ مِنْكَ وَمِنِ اِبْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَإِنْ تُعْجِزَا وَتَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا وَاَلسَّلاَمُ كل ما قاله فيهما هو الحق الصريح بعينه لم يحمله بغضه لهما وغيظه منهما إلى أن بالغ في ذمهما به كما يبالغ الفصحاء عند سورة الغضب وتدفق الألفاظ على الألسنة ولا ريب عند أحد من العقلاء ذوي الإنصاف أن عمرا جعل دينه تبعا لدنيا معاوية وأنه ما بايعه وتابعه إلا على جعالة جعلها له وضمان تكفل له بإيصاله وهي ولاية مصر مؤجلة وقطعة وافرة من المال معجلة ولولديه وغلمانه ما ملأ أعينهم.

  فأما قوله # في معاوية ظاهر غيه فلا ريب في ظهور ضلاله وبغيه وكل باغ غاو.