شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في النهي عن سماع السعاية وما ورد ذلك من الآثار

صفحة 44 - الجزء 17

  عليه رحى ظلمهم وجسرا يعبرون عليه إلى بلائهم ومعاصيهم وسلما يصعدون فيه إلى ضلالتهم يدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهلاء فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا من حالك ودينك وما يؤمنك أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ٥٩}⁣[مريم: ٥٩] يا أبا بكر إنك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يغفل فداو دينك فقد دخله سقم وهيئ زادك فقد حضر سفر بعيد و {وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ٣٨}⁣[إبراهيم: ٣٨] والسلام: وَالْصَقْ بِأَهْلِ اَلْوَرَعِ وَاَلصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلاَّ يُطْرُوكَ وَلاَ يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ اَلْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ اَلزَّهْوَ وَتُدْنِي مِنَ اَلْعِزَّةِ وَلاَ يَكُونَنَّ اَلْمُحْسِنُ وَاَلْمُسِي ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لِأَهْلِ اَلْإِحْسَانِ فِي اَلْإِحْسَانِ وَتَدْرِيباً لِأَهْلِ اَلْإِسَاءَةِ وَأَلْزِمْ كُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ