شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في القضاة وما يلزمهم وذكر بعض نوادرهم

صفحة 63 - الجزء 17

  فلو كان من في القصر يعلم علمه ... لما استعمل القبطي فينا على عمل

  له حين يقضي للنساء تخاوص ... وكان وما فيه التخاوص والحول

  إذا ذات دل كلمته لحاجة ... فهم بأن يقضي تنحنح أو سعل

  وبرق عينيه ولاك لسانه ... يرى كل شيء ما خلا وصلها جلل

  وكان عبد الملك بن عمير يقول لعن الله الأشجعي والله لربما جاءتني السعلة والنحنحة وأنا في المتوضإ فأردهما لما شاع من شعره.

  كتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أما بعد فقد كتبت إليك في القضاء بكتاب لم آلك ونفسي فيه خيرا الزم خمس خصال يسلم لك دينك وتأخذ بأفضل حظك إذا تقدم إليك الخصمان فعليك بالبينة العادلة أو اليمين القاطعة وادن الضعيف حتى يشتد قلبه وينبسط لسانه وتعهد الغريب فإنك إن لم تتعهده ترك حقه ورجع إلى أهله وإنما ضيع حقه من لم يرفق به وآس بين الخصوم في لحظك ولفظك وعليك بالصلح بين الناس ما لم يستبن لك فصل القضاء.

  وكتب عمر إلى شريح لا تسارر ولا تضارر ولا تبع ولا تبتع في مجلس القضاء ولا تقض وأنت غضبان ولا شديد الجوع ولا مشغول القلب.

  شهد رجل عند سوار القاضي فقال ما صناعتك فقال مؤدب قال أنا لا أجيز شهادتك قال ولم قال لأنك تأخذ على تعليم القرآن أجرا قال وأنت أيضا تأخذ على القضاء بين المسلمين أجرا قال إنهم أكرهوني قال نعم أكرهوك على القضاء فهل أكرهوك على أخذ الأجر قال هلم شهادتك.

  ودخل أبو دلامة ليشهد عند أبي ليلى فقال حين جلس بين يديه:

  إذا الناس غطوني تغطيت عنهم ... وإن بحثوا عني ففيهم مباحث