شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في القضاة وما يلزمهم وذكر بعض نوادرهم

صفحة 70 - الجزء 17

  وأما الخيانة فلأن الأمانة تقتضي تقليد الأعمال الأكفاء فمن لم يعتمد ذلك فقد خان من ولاه.

  ثم أمره بتخير من قد جرب ومن هو من أهل البيوتات والأشراف لشدة الحرص على الشيء والخوف من فواته.

  ثم أمره بإسباغ الأرزاق عليهم فإن الجائع لا أمانة له ولأن الحجة تكون لازمة لهم إن خانوا لأنهم قد كفوا مئونة أنفسهم وأهليهم بما فرض لهم من الأرزاق.

  ثم أمره بالتطلع عليهم وإذكاء العيون والأرصاد على حركاتهم.

  وحدوة باعث يقال حداني هذا الأمر حدوة على كذا وأصله سوق الإبل ويقال للشمال حدواء لأنها تسوق السحاب.

  ثم أمره بمؤاخذة من ثبتت خيانته واستعادة المال منه وقد صنع عمر كثيرا من ذلك وذكرناه فيما تقدم.

  قال بعض الأكاسرة لعامل من عماله كيف نومك بالليل قال أنامه كله قال أحسنت لو سرقت ما نمت هذا النوم: وَتَفَقَّدْ أَمْرَ اَلْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِي صَلاَحِهِ وَصَلاَحِهِمْ صَلاَحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَلاَ صَلاَحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاَّ بِهِمْ لِأَنَّ اَلنَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى اَلْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ وَلْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ اَلْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اِسْتِجْلاَبِ اَلْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِالْعِمَارَةِ وَمَنْ طَلَبَ اَلْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ اَلْبِلاَدَ وَأَهْلَكَ