شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

عهد سابور بن أردشير لابنه

صفحة 74 - الجزء 17

عهد سابور بن أردشير لابنه

  وقد وجدت في عهد سابور بن أردشير إلى ابنه كلاما يشابه كلام أمير المؤمنين # في هذا العهد وهو قوله واعلم أن قوام أمرك بدرور الخراج ودرور الخراج بعمارة البلاد وبلوغ الغاية في ذلك استصلاح أهله بالعدل عليهم والمعونة لهم فإن بعض الأمور لبعض سبب وعوام الناس لخواصهم عدة وبكل صنف منهم إلى الآخر حاجة فاختر لذلك أفضل من تقدر عليه من كتابك وليكونوا من أهل البصر والعفاف والكفاية واسترسل إلى كل امرئ منهم شخصا يضطلع به ويمكنه تعجيل الفراغ منه فإن اطلعت على أن أحدا منهم خان أو تعدى فنكل به وبالغ في عقوبته واحذر أن تستعمل على الأرض الكثير خراجها إلا البعيد الصوت العظيم شرف المنزلة.

  ولا تولين أحدا من قواد جندك الذين هم عدة للحرب وجنة من الأعداء شيئا من أمر الخراج فلعلك تهجم من بعضهم على خيانة في المال أو تضييع للعمل فإن سوغته المال وأغضيت له على التضييع كان ذلك هلاكا وإضرارا بك وبرعيتك وداعية إلى فساد غيره وإن أنت كافأته فقد استفسدته وأضقت صدره وهذا أمر توقيه حزم والإقدام عليه خرق والتقصير فيه عجز.

  واعلم أن من أهل الخراج من يلجئ بعض أرضه وضياعه إلى خاصة الملك وبطانته لأحد أمرين أنت حري بكراهتهما إما لامتناع من جور العمال وظلم الولاة وتلك منزلة يظهر بها سوء أثر العمال وضعف الملك وإخلاله بما تحت يده وإما للدفع عما يلزمهم