شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر بعض وصايا العرب

صفحة 123 - الجزء 17

  أحيا الضغائن آباء لنا سلفوا ... فلن تبيد وللآباء أبناء

  قال ابن الكلبي فيحكي الناس هذا البيت سابقا للزبير وما هو إلا لقيس بن عاصم.

  وأوصى عمرو بن كلثوم التغلبي بنيه فقال يا بني إني قد بلغت من العمر ما لم يبلغ أحد من آبائي وأجدادي ولا بد من أمر مقتبل وأن ينزل بي ما نزل بالآباء والأجداد والأمهات والأولاد فاحفظوا عني ما أوصيكم به إني والله ما عيرت رجلا قط أمرا إلا عيرني مثله إن حقا فحق وإن باطلا فباطل ومن سب سب فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لأعراضكم وصلوا أرحامكم تعمر داركم وأكرموا جاركم بحسن ثنائكم وزوجوا بنات العم بني العم فإن تعديتم بهن إلى الغرباء فلا تألوا بهن عن الأكفاء وأبعدوا بيوت النساء من بيوت الرجال فإنه أغض للبصر وأعف للذكر ومتى كانت المعاينة واللقاء ففي ذلك داء من الأدواء ولا خير فيمن لا يغار لغيره كما يغار لنفسه وقل من انتهك حرمة لغيره إلا انتهكت حرمته وامنعوا القريب من ظلم الغريب فإنك تدل على قريبك ولا يجمل بك ذل غريبك وإذا تنازعتم في الدماء فلا يكن حقكم الكفاء فرب رجل خير من ألف وود خير من خلف وإذا حدثتم فعوا وإذا حدثتم فأوجزوا فإن مع الإكثار يكون الإهذار وموت عاجل خير من ضنى آجل وما بكيت من زمان إلا دهاني بعده زمان وربما شجاني من لم يكن أمره