الطعن السابع
  قلت أما تعجب المرتضى من كون قوم منعوا الزكاة وأقاموا على الصلاة ودعواه أن هذا غير ممكن ولا صحيح فالعجب منه كيف ينكر وقوع ذلك وكيف ينكر إمكانه أما الإمكان فلأنه لا ملازمة بين العبادتين إلا من كونهما مقترنتين في بعض المواضع في القرآن وذلك لا يوجب تلازمهما في الوجود أو من قوله إن الناس يعلمون كون الزكاة واجبة في دين الإسلام ضرورة كما تعلمون كون الصلاة في دين الإسلام ضرورة وهذا لا يمنع اعتقادهم سقوط وجوب الزكاة لشبهة دخلت عليهم فإنهم قالوا إن الله تعالى قال لرسوله {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣] قالوا فوصف الصدقة المفروضة بأنها صدقة من شأنها أن يطهر رسول الله ÷ الناس ويزكيهم بأخذها منهم ثم عقب ذلك بأن فرض عليه مع أخذ الزكاة منهم أن يصلي عليهم صلاة تكون سكنا لهم قالوا وهذه الصفات لا تتحقق في غيره لأن غيره لا يطهر الناس ويزكيهم بأخذ الصدقة ولا إذا صلى على الناس كانت صلاته سكنا لهم فلم يجب علينا دفع الزكاة إلى غيره وهذه الشبهة لا تنافي كون الزكاة معلوما وجوبها ضرورة من دين محمد ÷ لأنهم ما جحدوا وجوبها ولكنهم قالوا إنه وجوب مشروط وليس يعلم بالضرورة انتفاء كونها مشروطة وإنما يعلم ذلك بنظر وتأويل فقد بان أن ما ادعاه من الضرورة ليس بدال على أنه لا يمكن أحد اعتقاد نفي وجوب الزكاة بعد موت الرسول ولو عرضت مثل هذه الشبهة في صلاة لصح لذاهب أن يذهب إلى أنها قد سقطت عن الناس فأما الوقوع فهو المعلوم ضرورة بالتواتر كالعلم بأن أبا بكر ولي الخلافة بعد الرسول ÷ ضرورة بطريق التواتر ومن أراد الوقوف على ذلك فلينظر في كتب التواريخ